فصل: سؤال: لم خص أُوْلِي الالباب بالنداء؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مناظرة لطيفة:

ذكر العلامة أبو بكر ابن العربي في تفسيره أحكام القرآن هذه المناظرة اللطيفة فقال:
ورد علينا بالمسجد الأقصى سنة سبع وثمانين وأربعمائة، فقيهٌ من عظماء أصحاب أبي حنيفة يعرف بالزَّوْزَنِي زائرًا للخليل صلوات الله عليه، فحضرنا في حرم الصخرة المقدسة- طهّرها الله- معه، وشهد علماء البلد، فسئل على العادة عن قتل المسلم بالكافر فقال: يُقتل به قصاصًا، فطولب بالدليل فقال: الدليل عليه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى} وهذا عامٌ في كل قتيل.
فانتدب معه في الكلام فقيه الشافعية وإمامهم بها عطاء المقدسي وقال: ما استدل به الشيخ الإمام لا حجة له فيه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الله سبحانه قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص} فشرط المساواة في المجازاة، ولا مساواة بين المسلم والكافر، فإنّ الكفر حطّ منزلته، ووضع مرتبته.
الثاني: أنّ الله سبحانه ربط آخر الآية بأولها، وجعل بيانها عند تمامها فقال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى الحر بِالْحُرِّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} فإذا نقص العبد عن الحر بالرق- وهو من آثار الكفر- فأحرى وأولى أن ينقص عنه الكافر.
الثالث: أن الله سبحانه وتعالى قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} ولا مؤاخاة بين المسلم والكافر، فدل على عدم دخوله في هذا القول.
فقال الزوزني: دليل صحيح، وما اعترضت به لا يلزمني منه شيء.
أما قولك: إن الله تعالى شرط المساواة في المجازاة فكذلك أقول، وأمّا دعواك أنّ المساواة بين الكافر والمسلم في القصاص معدومة فغير صحيح، فإنهما متساويان في الحرمة التي تكفي في القصاص، وهي حرمة الدم الثابتة على التأبيد، فإنّ الذمي محقون الدم، والمسلم محقون الدم، وكلاهما في دار الإسلام، والذي يحقّق ذلك أن المسلم يُقطع بسرقة مال الذمي، وهذا يدل على أن مال الذمي قد ساوى مال المسلم، فدلّ على مساواته لدمه، إذ المال إنما يحرم بحرمة مالكه.
وأما قولك: إنّ الله ربط آخر الآية بأولها فغير مسلّم، فإنّ أول الآية عامٌ، وآخرها خاصٌ، وخصوص آخرها لا يمنع من عموم أولها، بل يجري كلٌ حكمه من عموم أو خصوص.
وأما قولك: إن الحر لا يقتل بالعبد فلا أسلّم، بل يقتل به قصاصًا، فتعلقت بدعوى لا تصح لك.
وأما قولك: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} يعني المسلم فكذلك أقول، ولكن هذا خصوص في العفو فلا يمنع من عموم القصاص.. الخ.
قال ابن العربي: وجرت مناظرة عظيمة، حصلنا منها فوائد جمة، أثبتناها في نزهة الناظر.

.الحكم الثاني: هل يقتل الوالد إذا قتل ولده؟

قال الجمهور: لا يقتل الوالد إذا قتل ولده، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يُقتل وِالدٌ بولده».
قال الجصاص: وهذا خبرٌ مستفيض مشهور، وقد حكم به عمر بن الخطاب بحضرة الصحابة من غير خلاف من واحد منهم عليه، فكان في حيّز المتواتر.
وقال مالك: يُقتل إذا تعمّد قتله بأن أضجعه وذبحه.
قال القرطبي: لا خلاف في مذهب مالك أنه إذا قتل الرجل ابنه متعمدًا، مثل أن يضجعه ويذبحه، أو يصبره، أنه يُقتل به قولًا واحدًا، فأمّا إن رماه بالسلاح أدبًا وحنقًا لم يقتل به وتغلّظ الدية.
الترجيح: وما ذهب إليه الجمهور هو الأرجح للنصّ الوارد الذي أسلفناه، ولأنّ الشفقة تمنعه من الإقدام على قتل ولده متعمدًا، بخلاف الابن إذا قتل أباه فإنه يقتل به من غير خلاف، قال فخر الإسلام الشاشي: إن الأب كان سبب وجود الابن، فكيف يكون هو سبب عدمه؟!

.الحكم الثالث: هل يقتل الجماعة بالواحد؟

اختلف الفقهاء في الجماعة إذا اشتركوا في قتل إنسان هل يقتلون به؟ على مذهبين:
مذهب الجمهور والأئمة الأربعة: أن الجماعة يقتلون بالواحد.
مذهب الظاهرية: ورواية عن الإمام أحمد: أن الجماعة لا تقتل بالواحد.
دليل الظاهرية:
أ- استدل أهل الظاهر بآية القصاص {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى} فقد شرطت المساواة والمماثلة، قالوا: ولا مساواة بين الواحد والجماعة.
ب- واستدلوا بقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النفس بالنفس} [المائدة: 45] فالنفس تقابلها النفس، ولا تقتل الأنفس بالنفس الواحدة لأنه مخالف لنص الآية.
دليل الجمهور:
أولًا ما روي أن عمر رضي الله عنه قتل سبعة في غلام قتل بصنعاء وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم.
قال ابن كثير: ولا يُعرف له في زمانه مخالف من الصحابة وذلك كالإجماع.
ثانيًا: ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لو أنّ أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لكبّهم الله في النار» قالوا: فإذا اشتركوا في العقوبة الأخروية، فإنهم يشتركون في العقوبة الدنيوية أيضًا.
ثالثًا: قالوا إن الشارع شرع القصاص لحفظ الأنفس {وَلَكُمْ فِي القصاص حياوة} ولو علم الناس أن الجماعة لا تقتل بالواحد، لتعاون الأعداء على قتل أعدائهم، ثم لم يقتلوا فتضيع دماء الناس، وينتشر البغي والفساد في الأرض.
قال ابن العربي: احتج علماؤنا بهذه الآية: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص} على أحمد بن حنبل في قوله: لا تُقتل الجماعة بالواحد، لأن الله شرط في القصاص المساواة، ولا مساواة بين الواحد والجماعة.
والجواب: أن مراعاة القاعدة أولى من مراعاة الألفاظ، ولو علم الجماعة أنهم إذا قتلوا واحدًا لم يقتلوا به، لتعاون الأعداء على قتل أعدائهم، وبلغوا الأمل من التشفي منهم.
وجواب آخر: أن المراد بالقصاص قَتْلُ من قَتَل، كائنًا من كان، ردًا على العرب التي كانت تريد أن تقتل بمن قُتل من لم يَقْتُل في مقابله الواحد بمائة افتخارًا واستظهارًا بالجاه والمقدرة، فأمر الله بالمساواة والعدل، وذلك بقتل من قتل.

.الحكم الرابع: كيف يُقتل الجاني عند القصاص؟

اختلف الفقهاء في كيفية القتل على مذهبين:
فذهب مالك والشافعي: ورواية عن أحمد، أن القصاص يكون على الصفة التي قَتَل بها، فمن قتل تغريقًا قُتل تغريقًا، ومن رضخ رأس إنسان بحجر، قُتل برضخ رأسه بالحجر، واحتجوا بالآية الكريمة {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص} حيث أوجبت المماثلة فيقتص منه كما فعل.
واحتجوا بحديث أنس: أن يهوديًا رضخ رأس امرأة بحجر، فرضخ النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بحجر.
وذهب أبو حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى عنه: إلى أن القتل لا يكون إلا بالسيف، لأن المطلوب بالقصاص إتلاف نفسٍ بنفس، واستدلوا بحديث: «لا قود إلاَّ بالسيف» وحديث: «النهي عن المُثْلة» وحديث: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة» وقالوا: إذا ثبت حديث أنس كان منسوخًا بالنهي عن المُثْلة.
وقالوا: إن القتل بغير السيف من التحريق، والتفريق، والرشخ بالحجارة، والحبس حتى الموت ربما زاد على المثل فكان اعتداءً والله تعالى يقول: {فَمَنِ اعتدى بَعْدَ ذلك فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقد حكي أن القاسم بن معن حضر مع شريك بن عبد الله عند بعض السلاطين، فسأله ما تقول: فيمن رمى رجلًا بسهمٍ فقتله؟ قال: يُرمى فيقتل، قال: فإن لم يمت بالرمية الأولى؟ قال: يُرمى ثانيًا، قال: أفتتخذونه غرضًا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُتخذ شيء من الحيوان غرًا؟ ولعلّ ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة يكون أرجح والله أعلم.

.الحكم الخامس: من الذي يتولى أمر القصاص؟

قال القرطبي: اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يقتصَ من أحدٍ حقه دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض، وإنما ذلك للسلطان، أو من نصبه السلطان لذلك، ولهذا جعل الله السلطان ليقيض أيدي الناس بعضهم عن بعض.

.ما ترشد إليه الآيات الكريمة:

1- تشريع القصاص فريضة من الله على عباده المؤمنين لصلاحهم وسعادتهم.
2- القصاص يقلّل الجرائم، ويقضي على الضغائن ويربي النجاة.
3- في القصاص حياة النفوس، وحماية الأفراد والمجتمعات البشرية.
4- الاعتداء على غير القاتل من العصبية الجاهلية التي حاربها الإسلام.
5- تجب المماثلة في القصاص حتى لا ينتشر البغي والظلم والعدوان.
6- إذا عفا أولياء القتيل وقبلوا الدية فيجب دفعها لهم بدون مماطلة ولا تسويف.
7- تخفيف العقوبة رحمة من الله على عباده المؤمنين يجب عليهم شكرها.

.خاتمة البحث:

حكمة التشريع:
شرع المولى الحكيم العليم القصاص، وأوجب تنفيذه على الحكام، صيانة لدماء الناس، ومحافظة على أرواح الأبرياء، وقضاء على الفتنة في مهدها، ذلك لأن أخذ الجاني بجنايته يكون زاجرًا له ولغيره، ورادعًا لأهل البغي والعدوان، فإذا همّ أحدٌ بقتل أخيه، أو تهيب خيفةً من القصاص، فكفّ عن القتل، فكان في ذلك حياةً له، وحياة لمن أراد قتله، وحياة لأفراد المجتمع، وإذا بقي المعتدي يرتع، دون جزاءٍ أو عقاب، أدّى ذلك إلى إثارة الفتن، واضطراب الأمن، وتعريض المجتمع إلى سفك الدماء البريئة أخذًا بالثأر، فإنّ الغضب للدم المراق فطرة في الإنسان، والإسلام راعى ذلك فقرّر شريعة القصاص، حتى يستلّ لأحقاد من القلوب، ويقضي على أسباب البغي والخصام، والعدوان.
ولكن الإسلام في الوقت الذي يفرض فيه القصاص، يحبّب في العفو، ويرسم له الحدود، فتكون الدعوة إليه بعد تقرير القصاص العدل، دعوة إلى التسامي في حدود التطوع، لا إلزامًا يكبت فطرة الإنسان، ويحملها مالا تطيق {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فاتباع بالمعروف وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}.
وقد نقل المولى- جل وعلا- بهذا التشريع الحكيم العقوبات، من معنى انتقامي إلى معنى سام جليل، فقد كانت العقوبات السالفة، انتقامًا ينتقم بها المجتمع من المجرمين، أو ينتقم بها أهل القتيل من أهل المقتول، فلا يقبلون حتى يسفكوا مقابل الدم الواحد الدماء البريئة ويزهقوا الأرواح. وربما قتلوا بالرجل مائة رجل، فجعل الله الغرض منها الاستصلاح {وَلَكُمْ فِي القصاص حياوة ياأولي الألباب} ولم قل لكم فيه انتقام. ولقد رقت قلوب قوم من رجال التشريع الوضعي فاستفظعوا قتل القاتل، ورحموه من القتل، ولقد كان المقتول ظلمًا أولى بالرحمة والشفقة والعطف، وإذا رحموا القاتل فمن يرحم المجتمع من سطوة المجرمين من أهل الفساد!! وماذا نصنع مع العصابات التي كثرت في هذه الأيام واتخذت لها طريقًا إلى ترويع المجتمع بالسلب والنهب وسفك الدماء؟ لقد نظروا نظرة ضيقة بفكر غير سليم، ولو نظروا عامة شاملة بفكر وعقل مستنير لرحموا الأمة من المجرمين، بالأخذ بشدة على أيدي العابثين، فإن من يرحم الناس يسعى لتقليل الشر عنهم، وكف عادية المعتدين. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.فوائد في قوله تعالى: {يا أُوْلِي الالباب}:

اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض؛ وإنما ذلك للسلطان أو من نصبه السلطان لذلك؛ ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض.
وأجمع العلماء على أن على السلطان أن يقتص من نفسه إن تعدّى على أحدٍ من رعيّته، إذ هو واحد منهم؛ وإنما له مَزِيّة النظر لهم كالوصيّ والوكيل، وذلك لا يمنع القصاص، وليس بينهم وبين العامّة فرق في أحكام الله عز وجل؛ لقوله جل ذكره: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى}، وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملًا قطع يده: لئن كنت صادقًا لأقيدنّك منه. وروى النّسائي عن أبي سعيد الخُدْرِيّ قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقسم شيئًا إذ أكبّ عليه رجل، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُرجون كان معه، فصاح الرجل؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعال فاستقد قال: بل عفوت يا رسول الله» وروى أبو داود الطيالسي عن أبي فراس قال: خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أَلاَ مَن ظلمه أميره فليرفع ذلك إليّ أقيده منه. فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، لئن أدّب رجل منا رجلًا من أهل رعيّته لتقصنّه منه؟ قال: كيف لا أقصّه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصّ من نفسه!
ولفظ أبي داود السّجستانيّ عنه قال: خطبنا عمر بن الخطاب فقال: إني لم أبعث عُمّالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم؛ فمن فعل ذلك به فليرفعه إليّ أقصّه منه. وذكر الحديث بمعناه. اهـ.

.سؤال: لم خص أُوْلِي الالباب بالنداء؟

إنما خصهم بالنداء مع أن الخطاب السابق عام لأنهم أهل التأمل في حكمة القصاص من استبقاء الأرواح وحفظ النفوس، وقيل: للإشارة إلى أن الحكم مخصوص بالبالغين دون الصبيان. اهـ.

.قال أبو حيان:

وذكر العلماء تفاوت ما بين الكلامين من البلاغة من وجوه:
أحدها: أن ظاهر قول العرب يقتضي كون وجود الشيء سببًا لانتفاء نفسه، وهو محال.
الثاني: تكرير لفظ القتل في جملة واحدة.
الثالث: الاقتصار على أن القتل هو أنفى للقتل.
الرابع: أن القتل ظلمًا هو قتل، ولا يكون نافيًا للقتل. وقد اندرج في قولهم: القتل أنفى للقتل، والآية المكرمة بخلاف ذلك.
أما في الوجه الأول: ففيه أن نوعًا من القتل وهو القصاص سبب لنوع من أنواع الحياة، لا لمطلق الحياة، وإذا كان على حذف مضاف أي: ولكم في شرع القصاص، اتضح كون شرع القصاص سببًا للحياة.
وأما في الوجه الثاني: فظاهر لعذوبة الألفاظ وحسن التركيب وعدم الاحتياج إلى تقدير الحذف، لأن في كلام العرب كما قلناه تكرارًا للفظ، والحذف إذا نفي، أو أكف، أو أوقى، هو أفعل تفضيل، فلابد من تقدير المفضل عليه أنفى للقتل من ترك القتل.
وأما في الوجه الثالث: فالقصاص أعم من القتل، لأن القصاص يكون في نفس وفي غير نفس، والقتل لا يكون إلاَّ في النفس، فالآية أعم وأنفع في تحصيل الحياة.
وأما في الوجة الرابع: فلأن القصاص مشعر بالاستحقاق، فترتب على مشروعيته وجود الحياة.
ثم الآية المكرمة فيها مقابلة القصاص بالحياة فهو من مقابلة الشيء بضده، وهو نوع من البيان يسمى الطباق، وهو شبه قوله تعالى: {وأنه هو أمات وأحيى} وهذه الجملة مبتدأ وخبر، وفي القصاص: متعلق بما تعلق به قوله: لكم، وهو في موضع الخبر، وتقديم هذا الخبر مسوّغ لجواز الابتداء بالنكرة، وتفسير المعنى: أنه يكون لكم في القصاص حياة، ونبه بالنداء نداء ذوي العقول والبصائر على المصلحة العامة، وهي مشروعية القصاص، إذ لا يعرف كنه محصولها إلاَّ أولو الألباب. اهـ.